أقسام الردة1- الإعتقادات :الشك في الله أي في وجوده أوفي مخالفته للحوادث ، أوفي رسوله كأن شك في سيدنا محمد هل هورسول الله أولا ، أوالقرآن كأن شك هل هومن عند الله أومن عند محمد صلى الله عليه وسلم . قال الله تعالى : إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يترتابوا بالله وبما جاء عن الله وبما أخبر به الرسل قال الله تعالى: انّا نحن نزّلنا الذكر وانّا له لحافظون الإستخفاف بالله ورسوله كفر بدليل قوله تعالى : ولئن سألتهم ليقولُنَّ إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم . الشك في اليوم الآخر وهويوم القيامة ووجود الجنة أوالنار في الآخرة ، يجب اعتقاد أن الجنة والنار موجودتان الآن خلافا للمعتزلة القائلين بعدم وجودهما الآن . الشك في وجود الثواب والعقاب ، الثواب هوما ينتفع به العبد المسلم بعد الموت جزاء على أعماله الحسنة ، والعقاب وهومقدار من الجزاء يعلمه الله تعالى في نظير الاعمال السيئة عدلا منه تعالى وليس ظلما ولا جورا . ومن الإعتقادات الكفرية أيضا إنكار ما هومجمع عليه كالإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى للنبي صلى الله عليه وسلم ومعجزات الأنبياء . أواعتقد فقْد صفة واحدة من صفات الله تعالى الواجبة له إجماعا وهواتفاق المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر ديني كالعلم ، أونسب له تبارك وتعالى صفة يجب تنزيهه عنها إجماعا كالجسم ، فإذا كان النسب صريحا بأن قال هوتعالى جسم لا كالأجسام لصراحته بالحدوث والتركيب والألوان والإتصال فيكون كفرا لأنه أثبت للقديم ما هومنفي عنه بالإجماع . ويكفر من حلَّل محرما بالإجماع معلوما من الدين بالضرورة مما لا يخفى عليه كالزنى واللواط والقتل والسرقة والغصب أوحرَّم حلالا كذلك كالبيع والنكاح ، أونفى وجوب مجمع عليه كذلك كالصلوات الخمس أوسجدة منها والزكاة والصوم والحج والوضوء أوأوجب ما لم يجب إجماعا كذلك ، أونفى مشروعية مجمع عليه كذلك . المعلوم من الدين بالضرورة لا يخفى عن العالم والجاهل . حكمه ظاهر بين العلماء والجهال فلا يعذروا إذا غير حكمه مما لا يخفى عليه .وهناك أمثلة كثيرة منها : الذي يقول أن المعجزات سحر وتخييل وليس حقيقة يكون كفر لأنه يكون سفَّه الأنبياء لأن المعجزة تدل على صدق النبي وتؤيِّده .الذي يقول البيع حرام أوالزواج حرام ، أوالذي يقول أنا عندي أروح أزني ولا أتزوج فهوكافر لأنه فضَّل الزنى على الزواج الذي يسب ويستهزىء النكاح بالإطلاق لأنه أنكر مشروعية النكاح ، من أنكر الصلاة وقال أنها سنة وليست فرضا، الذي يقول أنه هناك سجدة لا سجدتين ، الذي ينكر حكم الصيام وحكم الزكاة والذي يقول صيام رمضان ليس فرضا فهوكافر . ودليل وجوب ذلك قوله تعالى : وجوب الصيام: كُتب عليكم الصيام كُتب = فُرض وجوب الزكاة: إنما الصدقات للفقراء والمساكين الصدقات = الزكاة وجوب الحج : وأتموا الحج والعمرة لله أتموا فعل أمر يقتضي الوجوب : يجب عليكم وجوب الوضوء: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم فعل أمر الذي يقول الوضوء ليس فرضا كفر . الذي يقول من ترك السنة يُعاقب عليها كفر أيضا . آمين مشروعة مع الفاتحة ولكنها ليست من القرآن فالذي يقول آمين تُفسد الصلاة يكفر. الذي ينفي مشروعية الأكل والشرب يكفر .قال الله تعالى كُلوا من طيِّبات ما رزقناكم الذي يسب الأكل والشرب بالإطلاق يكفر. وهناك أمثلة كثيرة لا يمكن حصرها . أما إذا كان الشخص نحوحديث عهد بالإسلام أونشأ في بادية بعيدة عن العلماء فلا يعرف ما عُلم من الدين بالضرورة لا يكفر شرط أن يكون هذا الأمر غير نحوتنزيه الله عن الشبيه والمكان . من عزم على الكفر في المستقبل كفر في الحال ، ومن عزم على فعل شيء في الحال مما ذُكر أوتردّد فيه أي في الكفر كفر في الحال . مثل من يسبّ الله تعالى يكفر في الحال ومن تردّد في كفره كفر في الحال . قال الإمام قاضي عِياض في كتاب الشفا : لا خلاف أن ساب الله من المسلمين كافر حلال الدم . انتهى. وقال تاج الدين السبكي في مقدمة الطبقات : لا خلاف عند الأشعري وأصحابه بل وسائر المسلمين أن من تلفظ بالكفر أو فعل أفعال الكفار أنه كافر بالله العظيم مخلد في النار وإن عرف قلبه ، وإنه لا تنفعه المعرفة مع العناد ولا تغني عنه شيئا لا يختلف مسلمان في ذلك . انتهى. وقال الله تعالى : ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم . وقال ايضا سبحانه وتعالى: لقد كفر الذين قالوا إنَّ الله هو المسيح بن مريم . أما الوسواس أي خطور الكفر على باله وتحركه بأن جرى في فكره فلا يكفر لأن الوسواس غير مناقض الجزم فإن ذلك مما يبتلى به الموسوس كما أفاده الشرقاوي . لما نزل قوله تعالى وإن تبدوا ما في أنفسكم أوتخفوه يحاسبكم به الله . أشفق المؤمنون من الوسوسة وشق عليهم المحاسبة بها فنزل قوله تعالى : يكلف الله نفسا إلا وسعها . أي إلا ما تسعه قدرتها فضلا منه تعالى ورحمة أي لا يؤاخذ أحدا بما لم يكسبه مما وسوست به نفسه لأن الوسواس ليس باختياره بخلاف العزم فإنه يكون باختياره واكتسابه من حيث أنه عقد قلبه عليه . عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه : إنّا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به ؟ فقال أوجدتموه ؟ قالوا نعم ، قال : ذلك صريح الإيمان . ومن أنكر صحبة سيدنا أبي بكر رضي الله عنه فقد كفر لأنه خالف القرآن ، قال الله تعالى : إذ يقول لصاحبه لا تحزن . كذلك من أنكر رسالة واحد من الرسل المجمع على رسالته كسيدنا آدم مثلا ، أوجحد حرفا مجمعا عليه من القرآن أوزاد حرفا فيه مجمعا على نفيه معتقدا أنه منه . مثل في قوله تعالى : إنك لا تهدي من أحببت و لكن الله يهدي من يشاء فمن حذف حرف الألف من لا النافية غيَّر المعنى وكفر . كقوله تعالى : وإنك لَتهدي إلى صراط مستقيم أي إنك تبين الحق والصواب وتدعوإليه . فمن زاد حرفا على لام لتهدي يكون قد كفر حيث يصير المعنى إنك لا تدل إلى الحق والصواب ولا تدعوإليه . من كذَّب رسولا فقد كفر قال الله تعالى : ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا . أما من كذِب عليه فلا يكون كفرا بل كبيرة إلا إذا كان ذلك الكذب فيه سبب من أسباب الردة فعندئذ يكون كفرا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كذبا علي ليس ككذب على أحد . هوالكذب لا يصلح في جد ولا هزل ، قاله عبد الله بن مسعود رضي الله عنه . وكذلك من نقَّصه أوصغَّر إسمه بقصد تحقيره وإهانة قدره بأن قال محيمد مثلا ، أواعتقد جواز وقوع النبوة لأحد بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أوادعى أنه يوحى إليه وإن لم يدع النبوة أوادعى أنه يدخل الجنة ويأكل من ثمارها وأنه يعانق الحور العين فهذا كفر بالإجماع ، أما لوادعى أن النبي صلى الله عليه وسلم عليه فلا يكفر لأن غايته أن يدعي أن النبي صلى الله عليه وسلم راض عليه وهذا لا يقتضي الكفر ، فإن كان صادقا فذاك ظاهر وإلا فهومجرد كذب . 2- الأفعال : كسجود لصنم أوشمس أومخلوق آخر على وجه العبادة ، أما إذا سجد لملك بنية الإحترام لا العبادة فلا يكفر بل حرام . لما عاد سيدنا معاذ من الشام إلى المدينة سجد للنبي سجود إحترام فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أني رأيت أهل الشام يسجدون لبطاركتهم وأنت أولى بذلك يا رسول الله ، فنهاه النبي عن ذلك وقال له : لوكنت آمر أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها . والذي يفعل أي فعل أجمع المسلمون أنه لا يصدر إلا من كافر . والذي يرمي المصحف في القاذورات مع العلم بها . 3- الأقوال : وهي كثيرة لا تنحصر ، منها أن يقول لمسلم يا كافر أويا يهودي أويا نصراني أويا عديم الدين حال كون القائل مريدا ذلك القول أن الذي عليه المخاطب من الدين كفر أويهودية أونصرانية وليس بدين ، أما لوأراد بقوله يا كافر أنه كافر النعمة أويفعل فعل الكفار أوساتر الزرع فلا يكفر أفاده الشرقاوي ، أي لأنهم قالوا كفر النعمة أي غطاها بأن جحدها ويقال للفلاح كافر لأنه يكفِّر البذر أي يستره كذا في المصباح . وكالسخرية باسم من أسمائه تعالى أووعده بالجنة والثواب أووعيده بالنار والعقاب ممن لا يخفى عليه نسبة ذلك إليه سبحانه وتعالى ، إضافة ذلك الإسم والوعد والوعيد إليه تبارك وتعالى . وكأن يقول الشخص لوأمرني الله تعالى بكذا لم أفعله أولوصارت القبلة في جهة كذا ، كناية عن الغرب أوالشرق أوالشمال أوالجنوب ، ماصليت إليها ، أولوأعطاني الله الجنة ما دخلتها مستخفا ، مستهزئا ومحقرا أومظهرا للعناد في الكل ، أوأطلق كقول من سئل عن شيء لم يرده وقال لوجاءني جبريل أوالنبي عليه الصلاة والسلام ما فعلته ، والعناد هو بأن عرف أنه الحق باطنا وامتنع أن يقُرَّ به . وكأن يقول لوآخذني الله بترك الصلاة مع ما أنا فيه من المرض ظلمني ، الظلم هووضع الشيء في غير موضعه . أوقال لفعل حدث هذا بغير تقدير الله أي تجدّد وجوده أوقال لوشهد عندي الأنبياء أوالملائكة أوجميع المسلمين بكذا ما قبلتهم أي ما صدقت قولهم . أوقال لا أفعل كذا وإن كان سنة بقصد الإستهزاء . ولو تقاول شخصان فقال أحدهما لا حول ولا قوة إلاَّ بالله وقال الآخر لا حول لا تغني من جوع كفر ، ولوسمع آذان المؤذّن فقال إنه يكذب كفر ولوقال لا أخاف القيامة كفر ، هذا ما أفاده الشرقاوي في كفاية الأخيار . انتهى . أولوكان فلان وهوعدوّه نبيا ما آمنت به فالقائل بهذا يكفر . وكذلك اذا قال الشخص عن عدوّه و لوكان ربّي ما عبدته فإنّه يكفر أوقال عن ولده أوزوجته هوأحبّ إليّ من الله ورسوله . أوأعطاه عالم فتوى أي بيان الحكم من غير إلزام فقال أصله أي شيء هذا الشرع مريدا بذلك القول التحقير والإستخفاف للشرع . أوقال لعنة الله وهي من الله تعالى إبعاد العبد بسخطه ومن الإنسان الدعاء بصيغته وهذا هوالمراد هنا، فإن قال لعنة الله على كل عالم مريدا الإستغراق الشامل لأحد الأنبياء . أوقال أنا بريء من الله أومن الملائكة أومن النبي صلى الله عليه وسلم أومن القرآن وهوكلام الله تعالى أومن الشريعة أومن الإسلام ، أوقال لحكم حُكِمَ به من الأحكام الشرعيّة ليس هذا الحكم أولا أعرف الحكم مستهزئا بحكم الله أوقال وقد ملأ وعاءا وكأسا دهاقا من قوله تعالى : إنّ للمتّقين مفازا حدائق وأعنابا وكواعب أترابا وكأسا دهاقا أي وخمرا مملوءة أومتتابعة أوصافية . أو قال وقد أفرغ شرابا فكانت سرابا من قوله تعالى : وسيّرت الجبال فكانت سرابا أي سيّرت الجبال عن وجه الأرض فكانت هباءا منبثّا . أوقال عند وزن أوكيل وإذا كالوهم أووزنوهم يخسرون أي إذا كالوا لهم أووزنوا لهم أي الناس يُنقصون . أو قال عند رؤية الجمع أي جماعة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا حال كون القائل ملتبسا بقصد الإستخفاف أوالإستهزاء والسخرية في الكل وكذا كل موضع إستُعمل فيه القرآن بذلك القصد، فإن كان بغير ذلك القصد فلا يكفر ، لكن قال الشيخ أحمد بن حجر رحمه الله لا تبعد حرمته . وكذلك يكفر من شتم نبيا أوملَكا أوقال أكون قوّادا إن صلّيت أوما أصبت خيرا منذ صلّيت أوالصلاة لا تصلح لي فهذا القول لكونه كفرا إذ كان إستهزاءا أوجحدا لفرضيّتها . ومن صور الإستهزاء ما يصدر من ظالم عند ضربه فيستغيث المضروب بسيّد الأوّلين والآخِرين رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول خلّ رسول الله يخلّصك . أو قال لمسلم أنا عدوّك و عدوّ جَدِّك مريدا بقوله جدِّك النبي صلى الله عليه و سلّم أو يقول شيئا من نحو هذه الألفاظ البشعة الشنيعة ، و قد عدّ الشيخ أحمد بن حجر الهيثمي و القاضي عياض رحمهما الله في كتابيهما الأعلام و الشفا أشياء كثيرة فينبغي الإطلاع عليها . فإن من لم يعرف الشرّ يقع فيه . 1-كتاب الإعلام بقواطع الإسلام وهولابن حجر 2-كتاب الشفا في أخلاق المصطفى وهوللقاضي عياض ومن الكفر ما لوقال لمن ظلمه أنت ظلمتني فالله يظلمك أوقال لمؤمن أخذ الله تعالى إيمانك أوسلب الله تعالى إيمانك أوقال لم أعلم أنّي مؤمن أم لا أوقال إنّي مرتدّ أوقال لأحد خلقك الله لتظلم الناس أوالله خلقك للظلم أوقال لأحد إن لم تكن مؤمنا فكن كافرا ، أوقال الذهب خير من الصلاة ، وحاصل أكثر تلك العبارات يرجع إلى : القاعدة : أنّ كلّ عَقد أوفِعل أوقَول يدلّ على استهانة أواستخفاف بالله أوكتبه أورسله أوملائكته أوشعائره أومعالم دينه أوأحكامه أووعدِه أووعيده كُفر أومَعصية فليحذر الإنسان من ذلك جُهْدَه . فليجاهد الإنسان نفسه جهادا قويا لكي لا يقع في هذا الشر . ومن رضي بالكفر واستحسنه كفر لأنّ استحسان الكفر من غيره كفر ولأنّ الرضى بالكفر كفر بدليل قوله تعالى : ولا يرضى لعباده الكفر . - الإستثناءات من الكفر اللفظي : الأقوال: يستثنى من الكفر اللفظي: - حالة سَبْقِ اللِّسَانْ: أنّ من أراد أن يتكلم بكلام غير كفري فأخطأ لسانه فخرجت منه كلمة كفرية من دون قصد منه للنطق بها فلا يكفر وذلك كأن قصد ان يقول : وما أنا من المشركين فيسبق لسانه فيقول : وما أنا من المسلمين . فلا مؤاخذة عليه في هذا ، وقد مثّل رسول الله صلى الله عليه وسلم لسبق اللسان برجل فقد دابّته في الصحراء وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتي شجرة فاضطجع في ظلّها ، فبينما هوكذلك إذا هوبها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم أراد أن يقول: اللهم أنت ربي وأنا عبدك فقال من شدة فرحه اللهم أنت عبدي وأنا ربك . -حالة غيبوبة العقل : من غاب عقله فنطق وهوفي هذه الحال بكلام كفري لا يُحكم عليه بالكفر بسبب هذا وذلك لارتفاع التكليف عنه حينذاك ويشمل هذا النائم والمجنون ونحوهما كالولي إذا غاب عقله بالوجد فتكلّم بما يخالف الشرع في حال جذبه فإنه لا حرج عليه عندئذٍ ، مع ذلك فإن هذا المجذوب وكذلك المجنون يُنهى عن ذلك القول - حالة الإكراه: الله تعالى استثنى المُكرَه في كتابه بحكم خاص قال تعالى : من كفر بالله من بعد إيمانه إلاّ من أُكْرِهَ وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم (سورة النمل آية 106) قال : إلاّ من أُكْرِهَ جعل للمكرَه حكما خاصا لا يتجاوزه إلى غيره ، وهوأن المكره بالقتل أونحوه كقطع الأطراف، إذا نطق بكلمة الكفر تحت الإكراه وقلبه مطمئن بالإيمان عند نطقه بما أكره عليه من القول الكفري ، هذا ليس عليه غضب من الله ولا يعذَّب، هذا معنى الآية .ولكنّ المكره إذا ثبت فلم يُجِبْهُم لمّا أرادوا قتله فقتلوه يكون قد فاز بالشهادة ، وأما غير المكره فإنه لا يُشترط للوقوع بالكفر إنشراح الصدر ولا معرفة الحكم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنّ العبد ليتكلّم بالكلمة لا يرى بها بأسا يهوي بها في النار سبعين خريفا . رواه الترمذي . -حالة الحكاية لكفر الغير : لا يُكَفَّر الحاكي كفر غيره على غير وجه الرضى والإستحسان ومستئذنا في إستثناء مسألة الحكاية قول الله تعالى : وقالت اليهود عُزَيْر ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله . وقالت اليهود يد الله مغلولة . ثم أداة الحكاية المانعة لكفر حاكي الكفر إما أن تكون في أوّل الكلمة التي يحكيها عمّن كفر ، أوبعد ذكره الكلمة عقبتها فلوقال المسيح ابن الله قول النصارى ، أوقالته النصارى فهي حكاية مانعة للكفر عن الحاكي . اللفظ الكفري نوعان : - كفر ظاهر : اللفظ الذي له معنيان أحدهما نوع من أنواع الكفر والآخر ليس كفرا وكان المعنى الذي هوكفر ظاهرا لكن ليس صريحا لا يُكَفَّر قائله حتى يُعرف منه أيُّ المعنيين أراد فإن قال أردت المعنى الكفري حُكِم عليه بالكفر وأُجْرِيَ عليه أحكام الردّة وإلاَّ فلا يُحكم عليه بالكفر . وكذلك إن كان اللفظ له معان كثيرة وكان كل معانيه كفرا وكان معنىً واحداً منها غير كفر لا يُكَفِّر إلاَّ أن يُعرف منه إرادة المعنى الكفري وهذا هوالذي ذكره بعض العلماء الحنفيّين في كتبهم . - كفر صريح: أي اللفظ الذي ليس له إلاّ معنى واحدا ، وإنّ من صدر منه كفر صريح يُكَفَّر ولا يُقبل له تأويل إلاَّ إذا كان لا يفهم معنى الكلمة التي قالها فعندئذٍ لا يُكَفَّر ، فمن حصل منه كفر صريح يُسْأَلُ عن فهمه ولا يُسأل عن قصده ، فإن فهم المعنى الكفري وقال لم أقصده كُفِّرَ ولم يُقبل منه تأوُّله ، وإن لم يفهم المعنى الكفري لا يُكفَّر ولكن يُنهى عن ذلك القول ، وأما من حصل منه كلام يحتمل وجهين بحسب وضع اللغة أحدهما كفر والآخر ليس كذلك فإنّ هذا يُسأل عن قصده ، فإن أراد المعنى الكفري كفر وإلاّ فلا يُكَفَّر ، وأما من قال كلمة كفرية لا تحتمل إلا معنى واحدا بحسب وضع الكلمة - اللغة ولكن هوظن أن لها معنى آخر غير كفري فقالها على هذا الوجه الذي ظنه غير كفري فلا يُكَفَّر . قال الإمام الغزالي عن اللسان : جِرمُه صغير وجُرمُه كبير . -رجوع المرتد إلى الإسلام : يجب على من وقعت منه الردّة العودة فورا إلى الإسلام بالنطق بالشهادتين و الإقلاع عمّا وقعت به الردّة و يجب عليه الندم و العزم على أن لا يعود لمثله . قال رسول الله صلى الله عليه و سلّم: أُمِرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وإني رسول الله . إن لم يرجع عن كفره بالشهادة وجبت إستتابته أي يُطلبُ منه الرجوع إلى الإسلام لمدة ثلاثة أيام ، ويجب ذلك على الخليفة أومن يقوم مقامه ، ثم لا يقبل منه الإمام إلاّ الإسلام وإلاّ قتله وجوبا إن لم يُسلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من بدّل دينه فاقتلوه . رواه البخاري . وإذا قال ( أستغفر الله ) قبل أن يجدّد إيمانه بقوله أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمدا رسول الله وهوعلى حالته هذه فلا يزيده قوله أستغفر الله إلا إثما وكفرا ، لأنه يكذّب قول الله تعالى : لم يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لهم -تنبيه : إذا شخص وقع في كفرية ثم لمّا تعلّمّ عرف أنها كُفر ولم يتذكّر أنّه قالها فصار يتلفّظ بالشهادتين في صلاته وخارجها من دون استحضار لِما حصل منه قبل ولوتذكّر هذه المدّة لتشهّد للخلاص ثمّ بعد أيام تذكّر أنه قالها وقبل ذلك لم يتشهّد قطّ للخلاص من كفر وقع فيه لأنّه لم يذكر أنه حصل منه فشهادته التي تشهّدها على سبيل العادة تكفيه . - أحكام المرتد : من الأحكام التي تتعلّق بالمرتدّ أنّ صيامه يبطل وكذا تيمّمه ونكاحه قبل الدخول أي قبل أن يتزوّجها ، وإن رجع إلى الإسلام . أمّا بعد الدخول فإن رجع إلى الإسلام قبل انتهاء العدة تعود له زوجته من غير أن يُشترط تجديد عقد النكاح . وكذلك نكاح المرتد لا يصح على مسلمة ولا يهودية ولا نصرانية وغيرهن بدليل قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجِعوهن إلى الكفار لا هُنَّ حِلُُّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ . ويحرُم أكل ذبيحته ، ولا يرث ولا يورث، ولا تجوز الصلاة عليه ، ولا يجب غسله ، ولا يجب تكفينه ولا يجوز دفنه في مقابر المسلمين ، وماله فيء أي يصرف في مصالح المسلمين . -الواجب على كل مكلف : يجب على كل مكلف أداء جميع ما أوجبه الله عليه من صلاة وصيام وزكاة وحج وغير ذلك ، ويجب عليه أن يؤدّيه على ما أمره الله به من الإتيان بأركانه وشروطه ويجتنب مبطلاته . ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صلوا كما رأيتموني أصلي . يعني إفعلوا كما أفعل في كل الأحكام . قال الله تعالى : قل إن كنتم تحبون الله فاتّبعوني يُحببكم الله . واتّباع النبي صلى الله عليه وسلم يكون في ثلاثة أشياء : بما كان يعتقده عليه الصلاة والسلام وما كان يقوله وما كان يفعله . فلا يكفي مجرد القيام بصور الأعمال ، قال صلى الله عليه وسلم : ربّ قائم ليس له من قيامه إلاّ السهر ، و رب ّ صائم ليس له من صيامه إلاّ الجوع و العطش . رواه ابن حبّان . يجب على من رأى تارك شيء ممّا افترض الله أويأتي به على غير وجهه أن يأمره بالإتيان به على الوجه الذي يصُحّ به ، ويجب عليه قهره على ذلك إن قدر عليه ، وإلاّ وجب عليه الإنكار بقلبه إن عجز عن القهر والأمر ، وذلك أضعف الإيمان ، أي أقل ما يلزم الإنسان عند العجز . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من رأى منكم منكرا فليغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان . وقال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم معناه عند المحقّقين أنّكم إذا فعلتم ما كُلفتم به لا يضرّكم تقصير غيركم وإذا كان كذلك ، فممّا كلّف به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإذا فعل ذلك ولم يمتثل المخاطب فلا عتب بعد ذلك على الفاعل لكونه أدّى ما عليه فإن ما عليه الأمر لا القبول . يجب على كل مكلف ترك جميع المحرمات ونَهْيِ مرتكبها ومنعه قهرا منها إن قدر عليه ، وإلاّ وجب عليه أن ينكر ذلك بقلبه . ويُشترط في النهي عن الحرام أن لا يؤدّي إلى منكر أعظم من ذلك المنكر ، وإلا فلا يجوز لأنه يكون عدولا عن الفساد إلى الأفسد . الحرام هوالذي فرضه الله على عباده أن يجتنبوه وهوما في ارتكابه عقاب في الآخرة وتركه فيه ثواب وعكسه الواجب وهوالذي فرضه الله على عباده أن يؤدّوه وهوما في تأديته جزاء وثواب في الآخرة ، ما يُثاب فاعله ويُعاقب تاركه . قال الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا قُوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غِلاظ شِداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . والله تعالى أعلم وأحكم .
|
||||||||||