الإيمان بالقَدَرِ خيره وشرهيجب الإيمان بالقدر خيره وشره أي أن الله تعالى هوخالق الخير والشر فكل ما دخل في الوجود من خير وشر فهوبتقدير الله تعالى الأزلي فالخير من أعمال العباد بتقدير الله تعالى ومحبته و رضاه ، والشرّ من أعمال العباد بتقدير الله لا بمحبته ولا برضاه . قال الله تعالى : الله خالق كلِّ شيء وقال : قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق . المعتزلة من فساد قولهم بأن الله تعالى خالق الخير وليس خالق الشر وهذا ضلال . وفي حديث جبريل المشهور لما سأله عن الإيمان قال عليه السلام : الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقَدَر خيره وشره . رواه مسلم .حادثة يُستفاد منها حصلت مع إمام من أهل السنة ورجل معتزلي : . قال المعتزلي لهذا الإمام لما رآه : سبحان من تنزَّه عن الفحشاء فرد عليه الإمام : سبحان من لا يجري في ملكه إلا ما يشاء . رد له المعتزلي : أيحب ربنا أن يُعصى . فقال الإمام : أيُعصى ربنا قهرا . فقال المعتزلي : أرأيت إذ منعني الهدى وقضى علي بالردى أحسنَ إلي أم أساء قال الإمام : إن منعك ما هو لك فقد أساء ولكن الله يفعل في ملكه ما يشاء . انتهى. روى الإمام مسلم في الصحيح أن المشركين خاصموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القَدَر فأنزل الله عز وجل قوله : إنَّ المجرمين في ضلال وسُعُر ، يوم يُسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مَسَّ سَقَر ، إناَّ كل شيء خلقناه بقَدَر . ردَّ الله تبارك وتعالى على المشركين في هذه الآيات الكريمة وأخبرنا الله عز وجل وخَبَره صدق لا شك فيه أن كل شيء خَلَقَه بقَدَر . يعني بتدبير أزلي . القَدَرُ : يعني تدبير الله الأشياء على وجه مطابق لعلمه الأزلي ومشيئته الأزلية فيوجدها في الوقت الذي علم أنها تكون فيه فلا أحد ولا شيء يمنع ذلك من أن يحصُل ، إذا شاء الله أن يحصُل ، ولا أحد ولا شيء يؤخر ما شاء الله حصوله عن الوقت الذي شاء الله تعالى أن يكون فيه . هذا الكلام من جواهر التوحيدوالغلط فيه ليس غلطا هينا ، الغلط في هذا الأمر في إعتقاد ما ينافيه وما يخالفه وما يضاده يوقع الشخص والعياذ بالله بالكفر والإشراك فيجب إعتقاد أن كل ما دخل في الكون إن كان أشخاصا ، إن كان إنسانا إن كان بهائم إن كان عملا إن كان خيرا إن كان شرا إن كان طاعة أومعصية كفرا أوإيمانا لم يدخل في الوجود إلا بتقدير من الله سبحانه ، لم يدخل في الوجود إلا بمشيئة من الله سبحانه، لم يدخل في الوجود إلاَّ بخلق الله تبارك وتعالى ، لكن ما الفرق بين الخير والشر وبين الطاعة والمعصية ، وبين الكفر والإيمان من هذه الناحية ؟ الفرق أن الله يحب الخير وأمر به يحب الإيمان وأمر به ، ولا يحب الشر بل نها عنه ، لا يحب الكفر بل نها عنه ، أما من حيث خَلْقُ هذه الأشياء فكلها من خَلْقِ الله ، أما من حيث كونها بتقدير من الله فكلها بتقدير من الله أي بتدبير أزلي شامل ، أما من حيث إنها وُجِدت بمشيئة الله فكلها ما دخلت في الكون إلا بمشيئة من الله سبحانه وتعالى أي بتخصيص من الله عز وجل ، فمشيئة العباد تابعة لمشيئة الله وليس العكس ، لذلك قال الله عز وجل : وما تشاؤن إلا أن يشاء الله رب العالمين . معناه لا مشيئة لكم إلا إذا شاء الله رب العالمين ، معناه غلبت مشيئة الله مشيئات العباد ، فلا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم أن يشاؤه ، هذا من جواهر العلم من عقيدة أهل الحق ، من عقيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم و صحبه ومن اتَّبعهم بإحسان إلى يومنا هذا . كل هذا يوجد عليه أدلة من القرآن ومن أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام ومن العقل السليم ، قال الله تعالى : وخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْديرا . لا يوجد استثناء وخلق كل شيء يعني كل ما دخل في الوجود فهو بخَلْقٍ من الله عز وجل بلا إستثناء ، كل شيء فَقَدَّرَه تقديرا يعني ما وُجِد إلا بتقدير منه سبحانه ، وتقدير الله تعالى أزلي أبدي لا يتغير ، هذه قاعدة جليلة ، الله عز وجل أزلي يعني لا ابتداء لوجوده ، الله تعالى موصوف بصفات الكمال التي تليق به وصفاته أزلية أي لا بداية لها . الله أزلي وصفاته أزلية ، الله تعالى لا يتغير وصفاته لا تتغير لأن التغير علامة الحدوث ، التغيير علامة الحدوث ، إذا قيل ما الدليل على أن هذا العالم مخلوق حادث يعني وُجد بعد أن لم يكن ، فالجواب أن هذا العالم يتغير وكل ما يتغير لا بد له من مغيِّر فالنتيجة أن العالم لا بد من مغيِّر معنى ذلك أن العالم حادث مخلوق وُجد بعد أن لم يكن ، أما إذا تكلمنا عن الله ماذا نقول ؟ الله أزلي وصفاته أزلية ولا يجوز أن يكون حادثا ولا يجوز أن يكون له صفة حادثة لأنه لوكان له صفة حادثة لكان متغيرا والمتغير لا يكون إلا مخلوقا لا يكون إلها . قال الله تعالى : ونقلِّب أفئدتهم أي قلوبهم وأبصارهم والأبصار تتقلَّب كثيرا كما لم يؤمنوا به أول مرة . فإذا كان الله هويقلِّب القلوب والأبصار فهوبالأولى خالق الأعمال الظاهرة على العباد من حركات الجوارح كالرأس واليد والرجل واللسان ، إذا كان الله تعالى هوالذي خلق ما فيك من التقلُّب في القلب والخاطر والأبصار فهوبالأولى خالق ما يظهر عليك من أعمال الجوارح الظاهرة فهوخالق كل شيء بلا استثناء ، قال الله تعالى : هَل مِنْ خالِقٍ غَيرِ الله . يعني لا خالق إلا الله ، لا يجوز أن يقال إن الله خلق أجسام العباد ثم العباد يخلقون أعمالهم هذا شرك ، الصحيح أن يقال إن الله خلق العباد وخلق أعمالهم ، إن الله خلق الأجسام وخلق الأعمال ، القرآن الكريم يقول : ﴿ والله خلقكم وما تعلمون والله خلقكم وما تعلمون قلِ الله خالق كل شيء لا يوجد إستثناء ، فإذا هوخالق الأجسام هوخالق الخير هوخالق الشر ، هوخالق الطاعة هوخالق المعصية هوخالق الكفر هوخالق الإيمان ، لكن لا يحب الكفر ولا يحب المعاصي ونها عنها مع أنه هوخلقها ، اليس الله تعالى خالق الخنزير ؟ بلى ومع ذلك هونها عن أن يؤكل فلا يقال أن الله لم يخلقه ، الله خالق كل شيء لكن لا يُسأل عما يفعل لا يجوز أن يقول الإنسان إعتراضا على الله كيف يخلق المعاصي ثم يحاسِب عليه ؟ الله تعالى قال : لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون الرسول عليه الصلاة والسلام قال : وقل اعملوا فكلٌ ميسرٌ لما خُلِقَ له يعني أنت عليك أن تأتي وتذهب إلى طريق الرشاد والصواب والحق والعدل الذي أمر الله تعالى به فأمر به الرسول فكل مُيسَّر لما خُلق له . فهذه العقيدة الصحيحة أن الله تعالى شاء وقدَّر في الأزل وعلم كل ما دخل في الوجود بلا استثناء إن كان جسما وإن كان عملا وإن كان خيرا وإن كان شرا ، ومشيئة الله لا تتغير لا لدعوة داع ولا لصدقة متصدق ولا لبرِّ والدين ولا لصلة الأرحام ، فمشيئة الله لا تتغير ، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سألت ربي لأمتي ثلاثا فأعطاني ثِنْتين ومنعني واحدة . يعني لم يستجب لي في واحدة معنى ذلك مشيئة الله تعالى لا تتغير حتى لدعاء أحب الخلق إليه وهو محمد عليه الصلاة والسلام . قال: سألت ربي أن لا يُهلك أمتي بما أهلك به الأمم من قبلهم . كالريح التي تسلطت على قوم بعض الأنبياء الذين عصَوْا وكفروا فأبادتهم قال فأعطانيها وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فيستأصلهم يعني طلب من الله تعالى ألا يسلط على أمته عدوفيبيد هذه الأمة قال فأعطانيها قال وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم قال فمنعنيها لأن الله شاء أن يكون خلاف في هذه الأمة وهذا ما حصل كما حصل بعد وفاة النبي عليه السلام . وقال يا محمد إني إذا قضيتُ قضاءً فإنه لا يردُّ . معناه إذا شاء الله تعالى أمرا لا يتغير لذلك الرسول عليه السلام علَّم بعض بناته أن تقول : ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. ماشاء الله كان يعني ما أراد الله تعالى في الأزل أن يكون كان ، حصل ، لا بد أن يحصل . وما لم يشأ لم يكن أي ما لم يرد الله سبحانه وتعالى ، ما لم يُرِدْه في الأزل لا يكون لا أحد يغير ذلك ، لذلك قال : يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يُرَدُّ. فإذا قيل لِمَ ندعو؟ فالجواب أن الرسول صلى الله عليه وسلم علمنا أن الدعاء بالخير عبادة . أنت حين تدعوبخير فلك ثواب على هذا الدعاء ، هذه ، فائدة ، الأمر الثاني إن كان الله سبحانه وتعالى شاء في الأزل أن يستجيب لدعائك هذا استُجيب لك ، يحصل لك ما طلبت من الله تعالى إذا كان الله شاء في الأزل أن يحصل لك ، إن كان الله لم يشأ في الأزل أن يحصل لك هذا لا يحصل لك لكن الله يعطيك أجرا على هذا الدعاء وقد يدفع عنك بسببه وبركته بلاء فهذه أيضا فائدة للمسلم ، لكن يجب أن تعتقد أن مشيئة الله لا تتغير ، أن تقدير الله لا يتغير ، أما قوله تعالى : كل يوم هوفي شأن . ليس معناه أن الله كل يوم يتغير ، لا ، معناه أن الله كل يوم يغير في أحوال الخَلْقِ ما شاء كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : يغفر ذنبا و يكشف كربا و يرفع أقواما و يضع آخرين . في تفسير الآية وإلا فمشيئة الله لا تتغير لا في النصف من شعبان الآتي ولا في النصف من شعبان من قبل هذا الدعاء الذي اشتهر عند كثير من العوام وفيه : اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب محروما أوشقيا أومقترا علي في رزقي فامحواللهم حرماني وشقاوتي وإقتار رزقي ... إلى آخر الدعاء . هذا الدعاء غير صحيح ، لم يرِدْعن الرسول عليه الصلاة والسلام ولا عن أحد من الصحابة أوالتابعين بإسناد صحيح إنما هودعاء جرى الناس على قوله في كثير من المواضع فتعودوا عليه لوتركوه إلى ما هوثابت وما هوليس موهما لكان خيرا لهم ، ما هوأكثر دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام في النصف من شعبان ورمضان وفي غير ذلك أكثر دعائه كان : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . ربنا آتنا في الدنيا حسنة يعني عملا صالحا ، و في الآخرة حسنة يعني الجنة و قنا عذاب النار يعني جنبنا عذاب جهنم . وقول الله تعالى : يمحو الله ما يشاء ويُثْبِت يُثْبِت البعض منه أي لا ينسخه ، سورة الأحزاب كانت بقدر البقرة فنسخ منها أكثرها وأبقى منها 72 آية ، القدْر الذي أبقاه الله أثبته والقَدْر الذي أمحاه محاه ، هذا المنسوخ . وفي كتاب الإعتقاد قي كتاب القَدَر للبيهقي رحمه الله تعالى عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: كان عمر بن الخطاب كثيرا ما يقول على المنبر :
خفض عليك معناها هون عليك أي لا تُكْثِر الهم بل ثق بالله واعتقد أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وقد ورد مرفوعا إلى النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال في تفسير الإيمان بالقدر : أن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك . تفسير البيتين المرويين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أنك إذا أيقنت أن كل شيء بيد الله تعالى فليهُن عليك ما يصيبك وما يخطئك ، فإنه لا يصيبك ما أصابك ولا يخطئك ما أصابك إلا على حسب علم الله الأزلي وتقديره الأزلي .منهجها: الأمور التي لم يقدِّر الله أن تنالها ، ويعني بقوله مأمورها الأمور التي قدَّر الله أن تنالها ، المعنى أن كل ما لم يُصِبْك مما تحب أن تناله من رِزْق أوغير ذلك مما تشتهيه فإن ذلك لأن الله لم يكتبه لك.
|
|||||||||||||